بعد التحية والسلام…والصبر والسلوان…بعد ما انتهى الكلام…وأصبح الأمل في خبر كان…والليل والنهار سيان…اسمح لي أتوجه إليك برسالتي هذه يا صاحب الصولجان…يا حفيد محمد عليه السلام…باسم إمارة المؤمنين…والتاريخ المشترك بيننا…باسم موسى ويسوع وأيوب…باسم المحيط والأبيض…وصفاء السماء ونهر أم الربيع…باسم الأطلس وجبال الريف…ادعوك للإصغاء…وألا تجعل بيني وبينك وسطاء يجعلون من مطلبي مطية…ومن رسالتي خطيئة…
يا صاحب الجلالة، لا تجعل الخطوط بيننا أكثر احمرارا…ما عداها فكل الألوان يمكن أن تكون أكثر انتسابا…أترجاك ألا تسمح بتدمير كل ما بنيناه…وألا تراني كما أرادوا لك أن تراني…
أنا لست انفصالية…لست بحبك كافرة…عنواني مناضلة…حالمة…للفساد رافضة…تعشق الموسيقى والأشعار الجميلة…مغرمة أنا بحبك…عاجزة عن فراقك…يخنقني البعد عنك…يا وطنا جريحا تنكر له النذلاء…متشبثة بحبك رغم عدم اكتراثك…أنا لست انفصالية بل أنا عاشقة للحرية…أنا “ثرلي” الحالمة بغد أفضل لي ولك ولكل عابر سبيل مر من هنا…أتمنى أن أعيش معك في ظل الكرامة…وتكون أنت الحامي لها…انأ لست انفصالية…أنا مطالبي واضحة مشروعة…أساؤوا الظن بي ككل مرة وحاولوا تضليلك 1958 مرة…يؤلمني أن أكون بهذا اليتم يا حامي الملة والدين…رغم حرصكم الشديد وعطفكم على الغريب…يؤلمني أن يكون في وطني عصابة ممتدة…للوطن كافرة…تزرع الخوف والفساد في كل إدارة…منشغلة عنكم وعني…مهووسة بتبذير الأموال وملء الجيوب…وحجب الشمس بالغربال…
يؤلمني أن يكون في وطني ضمائر نائمة…على الجماهير حاقدة…أن تكون بطون جائعة…وعقول فارغة…أن يكون وطني مقبرة لأحلام جميلة…ومصدر الشقاء بسبب تفشي ظواهر كثيرة…فلولا جشع العصابة وتجاهلها للحقيقة…لما كان لها أن تكون في عهدكم يا صاحب الجلالة…يؤلمني أن تغرق البلاد في الثنائيات…تجعلها مرة أخرى تخلف الميعاد…يؤلمني أن يكون في البلاد كثير من النفاق…مهتمون بملء المساجد والإفراغ القسري للمدارس…وإغلاق أبواب المستشفيات…بينما تفصلنا عن الكرامة بضعة ساعات…وعن الدنيا بضعة نقرات…
يؤلمني أن أرى أطفالا مشردة وسياسات عمومية شاردة…شبابا ضائعا وأحزابا كاذبة…وطنا بلا لوحة قيادة…مدنا بلا مستقبل تبكي حالها…والأغبياء بما ملكت أيديهم سعداء…
صدقني يا صاحب الجلالة، أنا لست انفصالية…أنا على عهدكم باقية، وللثالوث المقدس حامية…إلا أن أحلام الفتية تبقى بسيطة للغاية…لا تستدعي العسكرة ولا رمي الحجارة…أحلامهم…هي أحلامي تكمن في توفير الرغيف وفي اقتناء اللعب للأطفال…وشراء حذاء أنيق لأبي…ومنديل مطرز يليق بأمي أهديه لها اعترافا بالجميل…وتحقيق حلم عقد قران أخي على عشيقته التي انتظرته طويلا… وشراء الدواء وفاكهة الموسم…وسد فاتورة الهاتف والماء والكهرباء…ولما لا تقديم هدية للأحبة حتى تبقى الروابط بها متينة…أحلم بالعدالة الاجتماعية بربط المسؤولية بالمحاسبة…بمدرسة عمومية…وبمستشفى إنساني…بملعب رياضي مجاني…وفضاء لممارسة الحلم الجماعي…بمقبرة تليق بمناضلة على الأقل لم أخونك يوما…
ربما كانت مساراتنا ولغتنا مختلفة…ربما كنا بعيدين عن بعضنا…ربما غنائي لا يعجبك…وصوتي لا يطربك…ربما أسوار قصورك عالية حجبت الرؤية عنا…ضيعت بذلك عني وعنك فرصة المعانقة…ربما لم افهم يوما مضمون خطاباتك…أو كان سايلا صديقي سببا مباشرا في ذلك…ربما كان الفقيه قد أخفق في شرح آية القارعة…إلا أنني لم أنادي بالانفصال عنك يوما…ولم أرى على العرش سواك…لا تدعهم يتآمرون عليك وعلي…لا تجعلهم يعاقبون حافي القدمين…حالما بالذهاب إلى المدرسة…فهم لا وطن لديهم يحبونه…ولا عرش لديهم يخسرونه…
أنا لست انفصالية…العصابة انفصالية…الفساد والجوع انفصالي…الظلم والقهر انفصالي…أنا لست انفصالية…بل أنا غاضبة…للذل رافضة…أرجو أن يصححوا اللازمة…يتبع.
نجاة بقاش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق