بعد انتصار ثورة 17 فبراير التي جعلت الأرض تتحدث أمازيغيتها، الحضارة الأمازيغية تخرج من الارض لتفوح في كل بقاعها، قصور و مآثر تحمل في طياتها دلالة أمازيغية، هكذا يشهد التاريخ، الأرض تتكلم الأمازيغية شاء من شاء. يكفي أن تقوم بجولة في أغلبية المدن الليبية : وازن، نالوت، تيغت، كاباو، نالوت، يفرن، تيمزين، زوارة...تجد نفسك أمام معالم، أمام قصور "إغسرا" بالأمازيغية الليبية، قصور تشهد أن الانسان الأمازيغي رجل حضارة ضاربة في القرون الغابرة، و للاشارة فمعظم هذه القصور تعود إلى قرون ما قبل الميلاد و تتضمن نظام تخزين يصطلح عليه "تيمدلين" أي مكان لتخزين الغذاء، و هو أول نظام بنكي لدى الأمازيغ.
بقلعة الجهاد، بأدرار نفوسة بمدينة نالوت، يتواجد أكبر حرف أمازيغي، "ياز"، المصنوع من الحديد و مصبوغ بألوان الهوية، يبلغ طوله حوالي سبعة أمتار، و عرضه خمسة أمتار، استغرقت صناعته و تهييئه 15 يوما.
فعلا لشيء عجيب أن يظهر حرف تيفناغ العريق بمجرد إسقاط نظام القدافي الذي حاول نفي صفة الأمازيغية عن ليبيا و جند ما في جعبته من أجل القضاء على الأحرار و إبادتهم، لكن هيهات كل هذه المخططات الفاشلة انكسرت فوق عزيمة الأحرار.
"انفجرت" الأمازيغية في كل مكان، في الشمال و الجنوب، في الشرق و الغرب، بجانب البحر و في الصحراء ترى أعلام الهوية ترفرف في السماء، في واجهات المحلات، في السيارات حتى يخيل إليك أن الثورة تمت من أجل هذا الغرض، طبعا فأول من عانى الويلات من النظام الغاشم والديكتاتوري هم الأمازيغ الذين قال في حقهم القذافي يوما " عندما ترضع الأم الأمازيغية ابنها فهي ترضع له السم" ، صراحة تراكم هذا السم بفعل القمع و الاضطهاد لمدة عقود و أطاح بملك ملوك افريقيا شر إطاحة.
كم كان الليبيون يحلمون أن يعترف النظام السابق بأمازيغيتهم؟ كم كان الليبيون يعانون جراء الضغط الذي كان يمارسه بلطجية القذافي؟ كم كانوا ممنوعين من تسمية أبنائهم بالأسماء التي يريدونها؟... بعد الثورة خرجت الأمازيغية خروج ثوارها و لم تتوانى أيام حتى تمزغت تمزيغا.
حروف تيفناغ يملأ الحياة في الجدران ، في واجهة المحلات، على الأبواب، في السيارات ... انها ليبيا بين عشية و ضحاها تحولت إلى عهد جديد حامل لكل معاني تامازغى بقيمها الانسانية. عادت مقولة هيرودوت إلى الواجهة و فعلا "من ليبيا يأتينا الجديد".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق