أصبح البعض، ولا مجال للتعميم هنا، ينتظر حلول محطة 8 مارس من كل سنة ليحتفل باليوم العالمي للمرأة او ما يعرف بعيد المرأة أو اليوم العالمي للمرأة، دون أدنى وعي او اعتراف لهذه المرأة بحقوقها وخصوصيتها ومكانتها، في ظل عدم استطاعتها التعبير عن مشاكلها والحديث عن وضعها دون وصايا.
المرأة والمجتمع ان المرأة لاتحتاج إطلاقا إلى من يعترف بها وبدورها وبمساهمتها في بناء مجتمع متكامل، وبكونها ذات حرة مستقلة بنفسها ولها حقوق، بقدر أن ما تريده هو رؤية ذلك الاحترام والتقدير والعرفان في سلوكيات المجتمع طوال السنة وليس ليوم فقط، إذ أصبحنا نرى الكثير ممن يتبجحون بدور المرأة وضرورة انصافها، لكن ما ان يتعلق الأمر بأمه أو زوجته أو أخته، يصبح كل ما سبق وأن تبجح باطل ويصير الأمر لا نقاش فيه ولا مساس به، لتجده يبرر ذلك بسلطة العادات والتقاليد والدين، بل ويصير الحديث عن الزوجة مثلا أمرا محظورا.
وضعية المرأة الأمازيغية سأتحدث تحديدا عن واقع المرأة الأمازيغية لأنها المتضرر الأكبر من كل هذا النمط السائد، حيث تجد نفسها تحت وطأة ثقافة دخيلة إجبارية، ووجها لوجه مع فكر ذكوري مشرقي الذي انتشر في موطنها الأمازيغي، وهي التي تصدرت في زمانها هرم السلطة والسيادة، حيث كانت المرأة الأمازيغية ركيزة أساسية لأسرتها وقبيلتها، وقد كانت تحظى بالاحترام والتقدير من طرف مجتمع الذكور الذي لم يكن أبدا يحرج من الجلوس بجانبها لتبادل الأخبار والأحاديث حول شؤون القبيلة، دون ان يكون ذلك مخلا بالشرع أو الأعراف.
وقد وقفت المرأة جنبا الى جنب مع الرجل في أمور الحياة، فعملها وجهدها في زراعة الأرض ومعرفتها القوية بأمور قبيلتها جعلها في مقام مستشارة ومسيرة للشؤون السياسية والإجتماعية ومساهمة في تدبيرها. وبما أنها كانت تعيش في القرى والبوادي فقد تمتعت بحريتها في التجول، وخروجها الى العمل، مما رفع مكانتها لحضورها الفاعل داخل مجتمعها. ناهيك عن تشبتها وحبها لأرضها الذي دفع بها للمساهمة في بناء استقلال بلادها، فقد قاومت الاحتلال وناضلت بقوة الى جانب الرجل، بل حملت هي الأخرى حملت السلاح للدفاع عن أرضها وشرفها، وكذا إمداد المجاهدين بالمؤن وحثهم على المقاومة وعدم الاستسلام، عكس العرب الذين لم يتقبلوا هذا التضامن والاتحاد بين الجنسين، مما جعلهم يسعون لعزل النساء وتعطيلهن عن أي عمل سوى الانجاب، خاصة ان العرب تأثروا كثيرا بحضارة الفرس والروم، ومن بين ما أخذوه التقليل من شأن المرأة وتشيئها أمام الرجل.
أما اليوم وبعد كل مقاومتها الداخلية والخارجية، ودورها الرئيسي في بناء مجتمعها، ستجد نفسها مقصية مهمشة مرمية في قمم الأطلس والريف والصحارى وهوامش هذا الوطن المنسية، حيث الأوضاع المزرية وظروف القساوة الطبيعية والاجتماعية نالت منها. فلا أحد ممن احتفلوا التفت اليها والى حالتها ومعاناتها، فلا صحة ولا تعليم وهي التي لم تطالب سوى بالكرامة والعيش الكريم وكذا بحقوقها العادلة والمشروعة، ولا أحد بعد من هؤلاء استوعب أنها رمز العزة والكفاح من أجل هذا الوطن الجريح، فهي التي حافظت عن ثقافتها ولغتها الأمازيغيتين، ولغة الأم التي احتفل بها العالم يوم 21 فبراير والتى أضحت تزعج الكثيرين في موطنها الأمازيغي، و هاهي الآن تتحمل كلفة إقامتها وأهلها بربوع ثامزغا المنسية، من طرف حكامها الغاصبين والناهبين لثروات هذه الأرض.
وارتباطا دائما بحديثنا عن قضية المرأة الأمازيغية واللغة الأم، نجد أنفسنا هنا نتحدث عن قضية أخرى ألا وهي ما بعرف ب “محاربة الأمية”، حيث توجب على المرأة الأمازيغية محاربة الأمية لترتقي بفهمها وتنعش فكرها وتصبح قادرة على مشاركة مجتمعها وبني جلدتها، رغم أنها ستجد نفسها ضحية سياسة جديدة ومشاريع “محو الأمية” بلغة ليست لغتها وبتاريخ ليس بتاريخها لترى في محو الأمية محوا لهويتها وثقافتها، وهنا يطرح السؤال:وهل هي اذن محاربة للأمية ام محاربة للهوية؟ ان غالبية التنظيمات لم تعر المرأة أي اهتمام بقدر ما كانت تهتم بالمشاركة الشكلية لها لتسويق ذلك وللدلالة على التقدم الحاصل في مجال حقوق النساء ، فهل الطريق الى انصاف المرأة ورد الاعتبار لها هو مسار شاق وطويل؟ سؤال طالما بادر الى ذهني…
ختاما، والعالم يحتفي بحلول يوم 8 مارس من كل سنة، نتساءل مع الشاعر: عيد.. بأي حال عدت يا عيد؟ في انتظار ان تنصف المرأة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق